أفلام وثائقية

هند المؤدب تتحدث عن تجربتها الوثائقية في «سودان يا غالي»

فيلم يعيد طرح السؤال حول قدرة السينما على حفظ الذاكرة

تطوان ـ «سينماتوغراف»

في فيلمها الوثائقي “سودان يا غالي”، تلتقط المخرجة هند المؤدب نبض جيل سوداني اختار أن يواجه العنف بالحلم والإبداع، وأن يحول وجعه إلى فعل فني مقاوم يرسم ملامح وطن يبحث عن الحرية رغم الخراب.

ومن بين أصوات الشباب، والجداريات، والأشعار التي تتحدى الرصاص، نسجت مؤدب عملاً يعيد طرح السؤال حول قدرة السينما على حفظ الذاكرة ومساءلة الواقع.

وخلال مشاركتها  بفيلم “السودان ياغالي” في مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ضمن برنامج “خفقة قلب”، تحدثت هند المؤدب عن خلفيات العمل، وعن اختياراتها الجمالية والفكرية التي جعلت الكاميرا وسيلة لاكتشاف الإنسان قبل توثيق الحدث، كما امتد الحوار إلى مسيرتها السينمائية التي تنوعت بين التجريب والتوثيق، وإلى رؤيتها لدور السينما كفضاء يمكن أن يسلط الضوء على قضايا الشعوب وتواجد المرأة في مجال صناعة السينما.

يتناول الفيلم تاريخ السودان في مرحلة دقيقة أعقبت الثورة التي أفضت إلى انقلاب عسكري، ويرصد فترة اندلاع الصراع على السلطة بين الجيش و”قوات الدعم السريع”، في هذا السياق، يتابع الفيلم مجموعة من الشباب الحالمين بسودان ديمقراطي جديد، ليعرف العالم على جيل من الناشطين وشعراء الشوارع الذين قرروا النضال مهما كانت التكاليف.

 تقول المؤدب إن الفيلم يقدم للمشاهد العربي صورة قريبة من السودان، تجعله يشعر بالقرب من السودانيين، الذين استخدموا أصواتهم الفنية للتعبير عن معتقداتهم وسط ضجيج الحرب.

كما يسلط الفيلم الضوء على الفن كوسيلة للتعبير في الأزمات، خاصة لدى الشباب، وقدرتهم على تحويل الألم إلى طاقة إيجابية لإحداث التغيير، وتعتبر المؤدب العمل قصيدة غنائية لقوة الشعب السوداني، وتكريما لقدرة الفن على المقاومة، مشددة على أن الفيلم سيبقى توثيقا مهما للأجيال القادمة لفهم تلك المرحلة من تاريخ بلادهم ومعرفة تضحيات الشباب خلالها.

وتربط المؤدب هذا العمل بتجربتها السابقة في فيلم “باريس ستالينغراد”، الذي أخرجته مع المخرج تيم نقاش، والذي يتناول معاناة المهاجرين غير النظاميين في باريس، بمن فيهم السودانيين الذين يسكنون شوارع منطقة ستالينغراد.

تقول إنها من خلال هذا الفيلم تعرفت أكثر على الأوضاع السياسية في السودان، وإن أصدقاءها السودانيين شجعوها لاحقا على توثيق ما يجري في بلدهم، ومن بينهم شاب شاعر أصبح الشخصية الرئيسية في “سودان يا غالي”.

وتوضح هند المؤدب أن أعمالها تنطلق من الاهتمام بالقضايا المجتمعية والإنسانية، وتركز على أشخاص لا تراهم الكاميرات عادة، ويتجلى هذا التوجه في أفلامها السابقة مثل”كازابلانكا… تذكرة ذهاب إلى الجنة”، الذي صورته في الدار البيضاء بعد أحداث 16 مايو 2003، و”كلاش تونسي”، الذي يستكشف الإبداع الموسيقي الثوري لدى مغنيي الراب الشباب في تونس، و”إلكترو شعبي” الذي يعرض تجربة موسيقى المهرجانات في مصر من خلال أصوات الفنانين الشعبيين بعد ثورة يناير.

وتؤكد المؤدب أنها تسعى من خلال أعمالها إلى إبراز الطاقات الشابة في العالم العربي وتغيير الصورة النمطية عن المنطقة، مشيرة إلى مخرجات استطعن إيصال أصواتهن إلى العالم مثل كوثر بن هنية من خلال عملها “صوت هند رجب”، وأريج السحيري، ولينا سويلم، وليلى مراكشي.

ولدت هند المؤدب في باريس لأب تونسي هو الأديب عبد الوهاب المؤدب، وأم من أصول مغربية وجزائرية، تنقلت بين فرنسا والمغرب وتونس، وهو ما شكل رؤيتها للعالم وأثر في اختياراتها الفنية. تعمل بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، وتفضل تصوير أفلامها بنفسها لتبقى قريبة من شخصياتها وتفهم لغتهم وتجاربهم.

عُرض “سودان يا غالي” لأول مرة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الحادية والثمانين، ثم في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي ومهرجان مراكش الدولي للفيلم، إلى جانب مشاركته في عدد من المهرجانات حول العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى