إضاءات

«معركة تلو الأخرى» أحدث رهانات أندرسون على الأوسكار

رغم حصده 8 ترشيحات لم يظفر بعد بالتمثال الذهبي

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

يُعدّ المخرج الأميركي بول توماس أندرسون واحدا من أبرز الأصوات السينمائية المعاصرة وأكثرها إجماعا بين النقاد.

فمن بين 10 أفلام طويلة قدّمها حتى اليوم، حاز 7 منها على ترشيحات لجوائز الأوسكار، من بينها “ليال راقصة” (Boogie Nights)، “ماغنوليا” (Magnolia)، “ستسيل الدماء” (There Will Be Blood)، “المعلم” (The Master)، “رذيلة متأصلة” (Inherent Vice)، “خيط وهمي” (Phantom Thread)، و”بيتزا العرقسوس” (Licorice Pizza).

ورغم حصده 8 ترشيحات شخصية عن الإخراج والسيناريو، فإن المخرج لم يظفر بعد بالتمثال الذهبي، ما جعل اسمه يقترن دوما بجملة “الأوسكار الذي لم يأتِ بعد”.

إلا أن هذا المسار المحبط مرشح للتغيير اليوم مع “معركة تلو الأخرى” (One Battle After Another)، وهو فيلم حركة وإثارة جديد مشغول بعناية فائقة، يستلهم رواية توماس بنشون فينلاند، إذ يتابع مجموعة من الناشطين يقاومون القمع وسط واقع سياسي متوتر.

وفي الفيلم الذي سيُطرح في صالات العرض الأميركية الجمعة 26 سبتمبر الجاري، جمع أندرسون طاقما تمثيليا بارزا، على رأسه النجم ليوناردو دي كابريو في دور ثائر سابق مهووس مدمن على المخدرات، وعاجز عن تذكّر الجواب الصحيح لسؤال أمني مشفّر: “كم الساعة؟”.

على الصعيد البصري، يقدّم أندرسون بالتعاون مع مدير التصوير مايكل باومان مجموعة من المشاهد المميزة: كمطاردة فوق الأسطح تنتهي بسقوط حرفي من علياء، وأخرى لسيارات تسير على طرق متموجة بإيقاع بصري يكاد يكون تنويما. وتضيف الموسيقى التصويرية المشحونة بالتوتر التي وضعها جوني غرينوود طبقة إضافية من الإحساس بالاختناق والتصعيد الدرامي.

وتتوزع الحبكة بين الماضي والحاضر: أعضاء مجموعة “الفرنسي 75” الراديكالية بقيادة الناشطة بيرفيديا بيفرلي هيلز (تيانا تايلور) ينفذون هجوما على مركز احتجاز أوتاي ميسا قرب الحدود المكسيكية.

وتحتفل بيرفيديا لاحقا مع رفيقها بوب فيرغسون (دي كابريو)، بينما يتلقى المقدم الأميركي المتقدّم في السن ستيفن جاي لوكجو (شون بين) مهمة القضاء على المجموعة، رغم إعجابه بشخصية بيرفيديا.

وبعد 16 عاما، يظهر بوب وقد انزوى للعيش في الخفاء مع ابنته المراهقة ويلا (تشيس إنفينيتي). غير أن ماضيه يعود ليطارده حين يستهدفهما لوكجو، الذي يسعى للانضمام إلى حركة سرية قومية بيضاء تُعرف باسم “نادي مغامري عيد الميلاد”.

ويجد بوب نفسه مضطرا إلى استدعاء تاريخه الثوري بمساعدة معلم فنون قتالية يُدعى سيرجيو سانت كارلوس (بينيشيو ديل تورو)، وزميلة سابقة من مجموعة “الفرنسي 75” هي دياندرا (ريجينا هول).

الفيلم، الممتد على 162 دقيقة، يقدم متعة بصرية وسردية آسرة، وفي الوقت ذاته يطرح انعكاسا سياسيا حادا على واقع معاصر، إذ يتحول المهاجرون إلى كبش فداء في صراعات الهوية.

وصحيح أن هناك لحظات فتور في الفصل الافتتاحي، إلا أن المثلث العاطفي يمنح القصة زخما دراميا إضافيا كلما استعاد الأبطال خطايا الماضي التي لا تزال تلاحقهم.

ومن الناحية التمثيلية، يبرع دي كابريو في المزج بين السخرية والغموض وهو يؤدي شخصية معلقة بين الحياة والموت.

أما تايلور، فرغم وقت ظهورها المحدود، فإنها تترك أثرا لا يُمحى بفضل حضورها الطاغي.

أما شون بين، فيقدّم خصما متجهّما ومكبوتا عاطفيا يتفكك تدريجيا.

“معركة تلو الأخرى” ليس مجرد فيلم إثارة، بل عمل سينمائي متكامل يثبت مرة أخرى أن أندرسون واحد من كبار المخرجين في جيله، وأن وقته مع الأوسكار قد يكون قد اقترب بالفعل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى