مراجعات فيلمية

مراجعة فيلم | «سوبرمان» .. يحتفي بالمشاعر الإنسانية

ويراهن على التفاؤل والأمل

«سينماتوغراف» ـ أسامة عسل

نشأتُ مع كريستوفر ريف، بطل فيلم “سوبرمان 2” الذي صدر في ثمانينيات القرن الماضي. يعود ذلك جزئيًا إلى إعجابي بمشاهد الحركة في ذلك العمل، ولكن بشكل رئيسي إلى جرأة القصة.

وجدتُ من المثير للاهتمام أن يختار شخصٌ مسؤولٌ كسوبرمان التخلي عن قواه، ثم يواجه عواقب هذا الاختيار، ولقد فتح هذا عينيّ على حقيقة أن البالغين، حتى الأقوى منهم، يتخذون قراراتٍ يندمون عليها.

مع أحدث أفلام سوبرمان، المعروض حالياً بدور العرض السينمائي في جميع أنحاء العالم، وجدت نسخةً مختلفةً من هذا البطل يواجه عواقب قراره.

هذه المرة، أشاهده وأتساءل إن كان يندم على قراره. خصوصاً أن هناك بالفعل خيطٌ رفيعٌ بين النظرة إلى الإيثار والأنانية.

وسواءً وصلنا إلى مرحلة الثقة الكاملة في حكمنا على الأمور أم لا، هناك أمر واحد مؤكد، هذا العمل يقول: “التفاؤل والأمل نقطة انطلاق جيدة”.

يتتبع الفيلم، من إخراج جيمس غان (مخرج فيلم “حراس المجرة”)، رحلة سوبرمان للتوفيق بين تراثه كـ”كال-إل” الكريبتوني ونشأته البشرية كـ”كلارك كينت”. مسترشدًا بالمشاعر الإنسانية في عالم يراها اختفت من حياة الكثيرين.

عندما يُجرّ سوبرمان إلى صراعات في الخارج والداخل، تُطرح تساؤلات جديدة حول أفعاله لحماية البشرية، ويسمح ضعفه أمام ملياردير التكنولوجيا والمخادع الماهر ليكس لوثر باستغلال الفرصة لإبعاد سوبرمان عن الطريق نهائيًا.

فهل ستتمكن المراسلة الجريئة لويس لين من صحيفة “ديلي بلانيت”، إلى جانب “البشر الخارقين” الآخرين، ورفيق سوبرمان ذو الأرجل الأربع، الكلب “كريبتو”، من مساعدة سوبرمان قبل أن يتمكن لوثر من تدميره تمامًا؟.

الفيلم من بطولة ديفيد كورنسويت في دور سوبرمان/كلارك كينت، ورايتشل بروسنان في دور لويس لين، ونيكولاس هولت في دور ليكس لوثر.

كما يشارك في بطولة الفيلم إيدي غاثيغي، وأنتوني كاريغان، وناثان فيليون، وإيزابيلا ميرسيد، وسكايلر جيسوندو، وسارة سامبايو، وماريا غابرييلا دي فاريا، وويندل بيرس، وآلان توديك، وبرويت تايلور فينس، ونيفا هاول.

وإليكم أربعة أشياء استمتعت بها في فيلم سوبرمان الجديد:

** أكشنٌ مُذهل: من الصعب مشاهدة فيلم أبطال خارقين دون أكشن، وهذا العمل يُقدمه. لا نرى سوبرمان يستخدم قوته وسرعته لإنقاذ كل ما هو في خطر (بما في ذلك الحيوانات) فحسب، بل نرى أيضًا استعراضه الكامل لقواه وهو يواجه الوحوش والكائنات الغريبة. هناك الكثير من المشاهد التي تبدو وكأنها مأخوذة مباشرة من صفحة كتاب هزلي.

** مشاعر جياشة: يرتدي سوبرمان قلبًا كبيرًا على كمه، مُظهرًا التعاطف والرحمة للآخرين. إنه دافع أساسي لكيفية اختياره لخدمة البشرية. بالطبع، حصل على هذا من والديه الأرضيين، جون ومارثا كينت. ومن خلال ديناميكيتهما، والديناميكية التي تربطه بلويس الصحفية، نرى كيف أن قلب سوبرمان هو أحد أكبر نقاط قوته.

** خفة ظل منعشة: يتميز هذا الفيلم بخفة الظل والمرح، على عكس العديد من التكرارات السابقة. إنه ليس كوميديا صريحة، ولكن هناك الكثير من اللحظات المرحة والمبهجة. كريبتو، الكلب الخارق، شخصية بارزة في هذا المجال، ومن المتوقع أن يكون من الشخصيات المفضلة لدى الأطفال ومحبي الكلاب.

** العمل الجماعي: قد يكون سوبرمان قويًا، لكنه لا يُنجز أي شيء بمفرده. ويتعمد هذا الفيلم إظهار نقاط ضعفه وحاجته إلى فريق. “عصابة العدالة”، التي تضم جرين لانترن، وهوكغيرل، ومستر تيريفيك، لها لحظاتها المميزة في الفيلم. وكذلك لويس لين، وجيمي أولسن، وشخصيات أخرى تُساهم في توهج العمل.

منذ عام 2013، شهدنا نكهة مميزة من سوبرمان على الشاشة الكبيرة، تجمع بين الترابط مع واقعنا وكونه أكبر من الحياة،  وقد لقيت هذه النكهة استحسانًا لدى من يُفضلونها.

لكن النسخة الجديدة من غان تُقدم نكهة سوبرمان أكثر حيوية ومرحة لمحبي القصص المصورة والرسوم المتحركة. وهذا يعني أننا نرى عالمًا مُحققًا بشكل مُفرط، حيث تنتشر الكائنات الخارقة و(البشر الخارقون)، ومن الطبيعي رؤية وحش عملاق يجوب الشوارع في أي يوم.

أدى ديفيد كورنسويت دور البطولة بذكاء. وما أعجبني فيه هو أنه سمح لإنسانيته بالتألق من خلال زي البطل الخارق، ولم يسمح للحرف “س” بإخفاء عيوبه.

وبهذا المعنى، هو شخصٌ يسهل التعاطف معه. لكن لا شك أنه مختلفٌ عن الآخرين.

فبينما يسعى العالم لفهم دوافع سوبرمان ونواياه، يُجبر على التوفيق بين قدرته على فعل الخير ونظرته التشاؤمية لوجوده.

بالتأكيد، لا يزال يحتفظ بهويته السرية (هناك إشارة طريفة إلى نظارته في الفيلم)، لكنه يقضي معظم وقت الفيلم مرتديًا زي البطل، مرسلًا رسالة مفادها أن كونك على طبيعتك أمرٌ جدير بالإعجاب.

ومن لديه معرفة ولو عابرة بسوبرمان سيعرف على الأرجح أنه كائن فضائي أُرسل إلى الأرض من كوكب آخر يُدعى كريبتون. من المسلّم به على نطاق واسع أن والديه الكريبتونيين كان لديهما أفضل النوايا تجاه طفلهما، وهو ما يتوافق مع أفضل النوايا للبشرية.

وفي هذا الفيلم، يعتقد سوبرمان أنه يعرف ما أُرسل إلى الأرض من أجله، لكنه لا يستطيع إلا أن يُخمّن من التوجيه المحدود الذي تركه له والداه.

وقد بذل والداه الأرضيان قصارى جهدهما لغرس قيمهما فيه على أمل أن يستخدم قواه في الخير.

ولذلك أعتقد أن الفيلم يُجيد تحدي المشاهدين بفكرة أن التفاؤل ليس سمة متأصلة؛ يجب أن نمارسه. وينطبق الأمر نفسه على التربية. فعندما نُقصى من اللعبة، أو نشعر بأننا فشلنا، أو أننا فقدنا هويتنا، يبقى التفاؤل هو الخيار الأمثل.

“سوبرمان” فيلم ممتع ومسلٍّ يُلقي نظرة على الجانب المشرق من هذا البطل الخارق الشهير، ورغم أن الكثير منه قد يبدو مبتذلاً وغير متوافق مع مُشاهد اليوم، إلا أن احتضانه للتفاؤل والمشاعر الإنسانية سيجعله على الأقل مُمتعاً لجانب كبير من الجمهور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى