شخصيات سينمائية

في ذكرى رحيلها..لماذا توقفت أم كلثوم عن السينما بعد 1948؟

«سينماتوغراف» ـ  محمود درويش

رغم وصولها إلى ذروة المجد وتربعها على قمة الغناء ونيلها ما لم ينله غيرها من الفنانين عامة، والمطربين خاصة، سواء في مصر أو الوطن العربي، إلا أن «كوكب الشرق» أم كلثوم  التي يحل اليوم ذكرى رحيلها في  3 فبراير عام 1975، كانت تخشى من السينما التي دخلتها عام 1935 بعد أن كانت قد بدأت الغناء الاحترافي في عام 1916، وقدمت للسينما ستة أفلام فقط خلال الفترة من 1936 وحتى 1948 حين قررت التوقف عن تقديم أفلام جديدة والاكتفاء بالغناء الذي تربعت على عرشه دون منازع.

وهذه الأفلام هي: وداد 1936، نشيد الأمل 1937، دنانير 1939، عايدة 1942، سلامة 1944، فاطمة 1948.، بالإضافة إلى فيلم ولاد الذوات 1932 التي ظهرت فيه بصوتها غناء فقط.

أدركت سيدة الغناء العربي، بما تملكه من ذكاء، أنها لن تحقق في السينما ما حققته في مجال الغناء. ورجع ذلك إلى شعور ام كلثوم بافتقادها إلى الجمال اللازم وجوده لدى نجمات السينما لاسيما في ذلك الوقت حتى تقنع مشاهدي أفلامها أنها الفتاة التي تستحق قلب البطل عادة ويتهافت عليها الجميع.

وما يؤكد صحة هذا الرأي أن المشاهد لآخر أفلامها «فاطمة» يشعر بسهولة أنها غير ملائمة لهذا الدور وكبيرة في السن أيضا عليه. فلو اعتمدنا تاريخ ميلادها في 1898 كما يشير البعض، أو صح اعتماد تاريخ ميلادها المسجل رسميا عام 1908، فقد كانت يوم تصوير هذا الفيلم قد أكملت الخمسين او الأربعين على أقل تقدير، وبالتالي فلا يمكن أن يقتنع المشاهد بأن بنت الأربعين هي تلك الفتاة التي يقع في حبها ابن الباشا، أو شقيق الباشا (الحدوتة التقليدية في السينما المصرية) كما في هذا الفيلم، لأن مثل تلك الفتاة لابد وأن تكون فائقة الجمال صغيرة السن حتى يتهافت الرجال عليها.

ويلاحظ هنا أن ثلاثة من الأفلام الستة التي قدمتها على الشاشة كانت أفلاما تاريخية أي لا ترتبط بالعصر الذي عاشته أم كلثوم وإنما اختارت الحقبات الزمنية الغابرة حتى لا تكون هناك حاجة لبطلة مودرن تواكب متطلبات العصر الحديث.

ومن هنا، فإن استمرار أم كلثوم في السينما بعد عام 1948 لم يكن ممكنا في ظل هذه الظروف، خاصة وأن بطلات ذلك العصر من المطربات، أو اللاتي جئن بعد ذلك بقليل كن صغيرات، جميلات، أمثال ليلى مراد، وشادية، وهدى سلطان، وصباح ونور الهدى، ونجاة، وفايزة احمد، وغيرهن.

البداية مع «وداد» وستوديو مصر

في عام 1936، بدأ ستديو مصر بإنتاج أول أفلامه بقصة مصرية هي «وداد» وكان من بطولة أم كلثوم وأحمد علام، وإخراج الألماني فريتز كرامب، وقد مثل الفيلم مصر لأول مرة في مهرجان فينيسيا الدولي في ذلك العام.

ويحكي الفيلم  عن عصر المماليك حيث تنشأ علاقة حب بين الشاب التاجر «باهر» وأدى دوره يحيى نجاتي وجاريته «وداد» (أم كلثوم)، التي تتمتع بصوت ملائكي، وبينما يتناجى الحبيبان يسطو قطاع الطريق على قافلة باهر التجارية ويستولون على بضاعته التي تمثل رأس ماله كله. ينتكب باهر ويشكو سوء الدهر وتبدأ مطالبته بالديون التي يستمهل أصحابها ويضطر لبيع كل ما يملك ولا يستطيع سداد دينه. تعرض عليه «وداد» أن يبيعها في سوق الجوارى فهى ذات صوت جميل وربما تأتى له بثمن باهظ يسدد به دينه لكنه يرفض فكرة بيع محبوبته، وتلح «وداد»  في طلبها هذا تضحية بنفسها وقلبها فداء للمحبوب. أخيرا يوافق باهر على مضض ويبيعها ليبدأ حياته التجارية من جديد.

كتب قصة الفيلم أحمد رامي، وأعد السيناريو والحوار أحمد بدرخان. وشارك ام كلثوم البطولة فيه كل من: أحمد علام، مختار عثمان، منسي فهمي، كوكا، محمود المليجي، يحيى نجاتي، فؤاد فهيم، فتوح نشاطي.

وكان فيلم وداد، أول لقاء وتعاون بين أم كلثوم والملحن رياض السنباطي، الضلع الثالث في مثلث أم كلثوم وأحمد رامي، من خلال وضعه الموسيقى التصويرية للفيلم، وتقديم أم كلثوم فيه أغنية “على بلد المحبوب ودينى”،  لينطلق معها السنباطي بعد ذلك في رحلة طويلة من العطاء الفني الأصيل.

قصة نشيد الأمل

في عام 1937، قدمت ام كلثوم فيلم فيلم منيت شبابي أو (قصة نشيد الأمل)، وفيه يقوم اسماعيل (عباس فارس) بتطليق زوجته آمال (أم كلثوم)، تاركاً إياها وحيدة لتقاسي مصاعب الحياة مع ابنتها سلوى، ويسوق لها القدر الطبيب عاصم (زكي طليمات) الذي يقوم بعلاج ابنتها، ويكتشف موهبة آمال المتميزة في الغناء، فيساعدها على أن تجد لنفسها عملاً مستغلة فيه موهبتها، ولكن طليقها لا يتركها لحال سبيلها حتى بعد طلاقه إياها.

والفيلم من إخراج أحمد بدرخان. تأليف أدمون تويما ، سيناريو وحوار أحمدرامي. وشارك في بطولة الفيلم  استيفان روستي، ماري منيب، وغنت ام كلثوم فيه عدة أغاني أشهرها افرح يا قلبي لك نصيب، من كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي.

فيلم «دنانير»

في عام 1939، قدمت ام كلثوم فيلم دنانير، الذي كتب قصته وحواره وألف أغانيه أحمد رامي، واخرجه وأعد له السيناريو أحمد بدرخان. وفي الفيلم، يستمع الوزير جعفر البرمكي (سليمان نجيب) إلى صوت البدوية دنانير (أم كلثوم) وهى تغني أثناء مروره بالصحراء. فيُعجب بصوتها بشدة و يقترح على مربيتها أن يصحبها معه إلى بغداد لكي تتعلم أصول الغناء على يدي (إبراهيم الموصلي). وتتاح الفرصة لدنانير كي تغني أمام الخليفة هارون الرشيد (عباس فارس)، فيعجب بصوتها. وتصبح مغنيته المفضلة وتزداد المؤامرات للإساءة إلى الوزير (جعفر) لدى (هارون الرشيد) الذي ينتهي به التفكير إلى أن يأمر السياف بقطع رقبة الوزير.

وقد قدمت أم كلثوم فيه أغنية (يا ليلة العيد أنستينا)، من كلمات أحمدرامي وألحان رياض السنباطي، حيث غنتها أمام الخليفة هارون الرشيد ووزيره جعفر. وفيما بعد، تم حذف الأغنية من أحداث الفيلم بناءً على إصرار أم كلثوم نفسها، لتصبح مرتبطة أكثر بليلة العيد.

حكاية «عايدة»

في عام 1942، قدمت ام كلثوم فيلم «عايدة» المقتبس عن أوبرا «عايدة Aida» للمؤلف الموسيقي الإيطالي فيردي Verdi، والتي ألفها خصيصا لحفل افتتاح قناة السويس في عهد اخديوي اسماعيل عام 1869، والفيلم يعد محاولة لتقليد فن الأوبرا العالمية.

ويحكي الفيلم عن «عايدة» أم كلثوم، الفتاة القروية ووالدها محمد أفندى الرجل الفقير الذي يعمل فى أرض زراعية يملكها امين باشا، وهو رجل عسكرى النزعة، له ابن اسمه سامى نال البكالوريا، لكنه لم يكمل تعليميه، وكان للباشا ابنة اسمها ثريا فى سن عايدة، تتم جريمة قتل فى المزرعة يموت فيها محمد أفندى الذى يذهب ضحية قيامه بواجبه فى نفس يوم حصول عايدة على البكالوريا، يشمل ابن الباشا عايدة بعطفه، وتلتحق بمعهد الموسيقى، وتنمو قصة حب بين عايدة وسامى، مما يسبب غضب الباشا، لكنها تحفز سامى على استكمال الدراسة، ويقتنع الباشا بأهمية عايدة فى حياة ابنه، فيزوجها له.

والفيلم كتب له القصة والسيناريو والحوار عباس يونس وفتوح نشاطي، وأخرجه أحمد بدرخان.

وشارك ام كلثوم البطولة كل من ابراهيم حمودة، سليمان نجيب، عباس فارس.

ومن أشهر الأغنيات التي قدمتها ام كلثوم في الفيلم اوبريت عايدة مع إبراهيم حمودة، من كلمات أحمدرامي،  وتلحين محمد القصبجي، ورياض السنباطي.

راعية الغنم «سلامة»

في عام 1944، قدمت ام كلثوم فيلم «سلامة»، وتدور أحداثه فى عصر الدولة الاموية، حول راعية الاغنام «سلامة» أم كلثوم، ذات الصوت الساحر، والتى تربطها علاقة حب مع عبدالرحمن «يحيى شاهين»، لكن يقف أمام حبها طمع ابن سهيل فيها، فتهرب منه خوفا على نفسها وحبها، ويبدأ عبدالرحمن رحلة بحثه عنها.

وتعد قصة الفيلم قصة واقعية، حدثت بالفعل فى عهد الدولة الاموية منذ ألف وثلاثمائة عام، هذا كما ورد فى مقدمة الفيلم.

كتب قصة الفيلم علي أحمد باكثير، وأخرجه توجو مزراحي.

ومن أبطاله يحي شاهين، عبدالوارث عسر، استيفان روستي، فؤاد شفيق، زوزو نبيل.

ومن أشهر أغاني الفيلم غني لي شوي شوي، وقل لي ولا تخبيش يا زين، من كلمات بيرم التونسي وألحان زكريا أحمد.

الممرضة الشابة «فاطمة»

آخر أفلام أم كلثوم، وكان في عام 1948، ويحكي عن فاطمة (أم كلثوم) الممرضة الشابة حسنة الخلق التي يسند إليها مهمة السهر على مباشرة علاج أحد الباشاوات المرضى، وعندما يراها شقيقه (فتحي) أنو وجدي، يعجب بجمالها وحلاوة صوتها وهى تغني، فيقع فى حبها. يحاول فتحى إغراءها بشتى الوسائل إلا أنه يفشل فى استمالتها، ولما كانت لديه رغبة جامحة فيها فإنه لم يجد وسيلة غير الزواج منها، وبالفعل يتزوجها بعقد زواج عرفى ويصطحبها لقضاء شهر العسل فى الإسكندرية، ويعود بها ليعيشا فى بيتها المتواضع فى إحدى الحارات نظرا لغضب والده الباشا مما حدث. ولا يستطيع فتحى تحمل العيش هناك أو التعامل مع أهل الحارة فيخرج. وقد ضاق ذرعا.

كتب القصة والسيناريو والحوار للفيلم بديع خيري، وأخرجه أحمد بدرخان.

وشارك في بطولته كل من انور وجدي، سليمان نجيب، حسن فايق.

وغنت أم كلثوم في الفيلم أغنية أصون كرامتي كلمات احمد رامي وألحان رياض السنباطي، وجمال الدنيا يحلى لأحمد رامي وألحان زكريا أحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى